الفيفا قرر : ألغاء تجارب الكرة الذكية نهائيا والاعتماد على العنصر البشرى

كرة القدم لعبة تحظى بعشق جنوني من كافة طوائف شعوب العالم ، ولا احد يعرف لماذا لعبة كرة القدم بوجه خاص لها هذا التاثير الرهيب لها هذا على جمع البشر دون النظر الى دين او لغة او عرق او مذهب محتفظة بقوانينها الثابته من 130 عاما ، رافضه للتعديلات حتى وان كانت قمة ما توصلت اليه التكنولوجيا المتطورة .

اختلف الناس على العولمة في الاقتصاد والسياسة وامور اخرى لكن كرة القدم وحدها التي طبقت هذه الفلسفة دون اعتراض من أحد لأنها اللعبة التي بنيت على الجهد والإثارة واستعراض المهارات ، وقوانينها فورية حاسمة ، لذلك لا مكان للحديث عن التكنولوجيا او التدخلات التي من شأنها التأثير على دور الحكام اللعبة الشعبية الاولى ..هذا قانونها لكن يوجد استثناءات غير شريفة ( الفساد والرشوة والتلاعب ) .

لقد أصبحت كلمة تكنولوجيا تثير حساسية القائمين على كرة القدم وكلما طرحت فكرة للاستعانة بتقنية حديثة سواء لمساعدة الحكام او مساعديه ( حاملى الراية ) تقابل بجدل كبير لينتهي بالرفض القاطع لتنفيذها.

لذلك لم يكن غريبا ان يصدر مجلس اتحادات كرة القدم الدولية «ايفاب» الذي يعد الوصي على قوانين اللعبة قراره قبل ايام بإيقاف جميع التجارب على استخدام تكنولوجيا «الكرة الذكية» لحسم تجاوز الكرة خط المرمى ، ولكن المجلس اتخذ موقف وسط بعد موافقته على الاستعانة بحكم مساعد إضافي خلف كل مرمى.

ومع اقتراب بطولة امم اوروبا التي ستقام الصيف الحالى ( يونيو 2012 ) في كل من سويسرا والنمسا عاد الجدل حول التحكيم والتكنولوجيا وانقسم الخبراء ما بين مؤيد ومعارض لأية افكار من شأنها التأثير على القرار البشري للحكام.

كثير من المدربين يؤيدون الاستعانة بالتكنولوجيا لحسم الخلافات على الاخطاء والاهداف التي يحوم حولها الشكوك ، ومنح الحكم الرابع او مراقب المباريات صلاحيات اكبر للتدخل ، لكن على الجانب يرفض الاتحاد الدولي وكذلك مجلس الاتحادات كل اقتراحات من شأنها التقليل من دور الحكم او ايقاف المباريات لاجل الفصل في خلاف ، ومعتمدين على ان الخطأ والخلاف هو جزء رئيسي في هذه اللعبة التي تعتمد على الاجتهاد الشخصي طالما الجميع يسعون لتطبيق العدالة على الجميع وهو اساس قانون اللعبة .

جيروم فالكه الامين العام للفيفا حاول تجميل الرفض قائلا ان الاتحاد الدولي لم يقف ابدا ضد الافكار التي تساهم في تطوير اللعبة دون المساس بجوهرها، وقرار تجميد الاستعانة بتكنولوجيا «الكرة الذكية» جاء بعد تجربتين لم يقدما نتائج حاسمة ، لذلك سنقوم بالاستعانة بحكمين إضافيين خلف المرميين لحسم الخلاف على الكرات التي تتخطى المرمى.

وكان مجلس اتحادات كرة القدم الدولية ( ايفاب) يبحث في إمكانية تطبيق نظامين تكنولوجيين احدهما كرة مزودة بشريحة الكترونية والنظام الآخر هو الاستعانة بكاميرا مثلما يحدث في لعبتي التنس والكريكيت ، وكان الاتحاد الإنجليزي يؤيد هذه الفكرة بقوة بينما أعربت رابطة الدوري الإنجليزي عن أملها في التوصل لنظام تكنولوجي لحسم تجاوز الكرة خط المرمى في بداية الموسم الجديد .

السويسري جوزيف بلاتر رئيس الفيفا ظل دوما على موقفه الرافض تماما لاي تدخلات غير بشرية في اللعبة مؤيدا ايقاف اختبارات التكنولوجيا حتى التوصل الى حلول حاسمة. واذا كان بريان بارويك الرئيس التنفيذي لاتحاد الكرة الإنجليزي قد اعرب عن خيبة امله من إيقاف فكرة الاستعانة بالتكنولوجيا لحسم تجاوز الكرة خط المرمى ، الا ان رجال الفيفا ومعهم الفرنسي ميشيل بلاتيني رئيس الاتحاد الاوروبي قد شعروا بالارتياح لقرار التجميد بل طالبوا بعدم طرح الأمر مجددا سواء للتجارب او المناقشة».

راؤول سايمون الصحفى الرياضي في جريدة «ايفننج ستاندر» الانجليزية صرح للشرق الاوسط «أي تكنولوجيا من شأنها التقليل من الدور الانساني للعبة مرفوضة تماما في كرة القدم ، انها لعبة اعتمدت منذ بدايتها على الاجتهاد الشخصي والخطأ غير المتعمد ظل جزءا مقبولا لا اعتراض عليه من المنافسين ». واضاف: « الخشية من ان الضغط المتوالي للاعتماد على التكونولوجيا قد يحول كرة القدم الى لعبة جامدة ليس بها الحس الادمي » وقد أيد ايضا ديفيد كولينز أمين عام الاتحاد الويلزي لكرة القدم هذا الكلام مؤكدا رفضه تطبيق أي نظام تكنولوجي يعيق انسيابية اللعبة التي تمارس من قبل اشخاص واعتمدت على العامل البشري في ادارتها.

أشهر حكم في العالم الايطالي بيير لويجي كولينا سبق ان تحدث في لقاء نظمه الاتحاد الأوروبي لكرة القدم عام 1999 عن استخدام التكنولوجيا لمساعدة الحكام ، واكد انه نيابة عن كل زملائه حكام مونديال 1998 ليس لديهم اعتراض على أي تكنولوجيا تساعدهم ولكن بشرط الدقة التامة ودون القبول بنسبة واحد في المائة من الخطأ. ورفض كولينا تماما مبدأ الاستعانة بالإعادة التلفزيونية لحسم الخلافات على بعض الالعاب لان ذلك سيكون دعوى لتعطيل المباريات ، واشار الى انه اثناء ادارته لمباراة بين فيورنتينا ويوفنتوس في الدوري الايطالي اتخذ قرارا في اقل من جزء من الثانية لمخالفة احدثت جدلا، وبعد اللقاء قمنا بمتابعة الصور التلفزيونية التي ايضا لم تكن قادرة على توضيح ما حصل ، ما يهمني بالفعل هو أن يحكم على أداء حكم المباراة تبعا لما يراه هو وليس تبعا لما توثقه 40 كاميرا ، فمن المفترض أن يرى الحكم اللاعبين المدربين والجماهير في مباراة حقيقية لا يجب مقارنة قدراتنا بما يعرض على شاشات التلفزيون ، فلا يوجد تحت تصرفنا 40 كاميرا لمشاهدة ما يحدث في الملعب من جميع الزوايا.

لكن كولينا لم يعترض على استخدام الكاميرات لمعاقبة اللاعبين الذين يقومون بحركات عنف أو حركات غير قانونية داخل الملعب دون ان يراها الحكم ، وقال: «لدينا عينان فقط ولا يمكننا رؤية كل ما يجري على أرض الملعب ، واذا اخطأ لاعب بعيدا ولم يراه الحكم فيجب عقابه اذا اثبتت الكاميرات ذلك».

ورغم ان كرة القدم مرت بمراحل تطوير متعددة الا ان اللعبة ظلت محتفظة بقوانينها التي وضعها مجلس اتحاد كرة القدم الدولي الذي تأسس عام 1882 حتى بعد انشاء الاتحاد الدولي ( فيفا) والاتحادات القارية ظلت هذه اللعبة بمنأى عن التدخلات التي قد تغير من طابعها، وبقيت التعديلات شكلية لأضافة مزيد من النظام والإثارة.

ومع دخول عصر النقل التلفزيوني زادت رقعة المشاهدة وكثر الجدل حول مخالفات لم يحسمها الحكام، لكن رغم ذلك لم يطالب احد بتغيير أي من قواعد اللعبة التي ظلت محكومة بالقرار الانساني، الى ان شهدت الفترة من ثمانينات القرن الماضي وحتى الان قفزات في تكنولوجيا الاتصالات والنقل التلفزيوني، حتى ان بعض المباريات باتت تنقل بأكثر من 20كاميرا وصفها البعض بانها عيون لمراقبة الحكام.

وفتح النظام التكنولوجي الذي اطلق عليه اسم «عين الصقر» لمتابعة الكرة في مباريات التنس الباب لمطالبة البعض بمحاولة الاستفادة من ذلك في كرة القدم خاصة في ظل الانتقادات الكثيرة للتحكيم الذي باتت كل حركاته وأخطائه مرصودة بشكل لافت حتى ان باحثين في جامعة اكسفورد البريطانية فتحوا ملف مباراة انجلترا والمانيا في نهائي كأس العالم عام 1966 مستفيدين من التقنيات الحديثة لمعرفة ما اذا كانت الكرة التي سددها اللاعب هيرست واصطدمت بالعارضة ثم بأرض الملعب قد تجاوزت خط المرمى ام لا بعد اكثر من40 عاما على الواقعة.

وعلى الرغم من معارضة المسؤولين عن اللعبة استخدام أي تقنيات حديثة من شأنها التأثير على عمل الحكام، الا ان الاتحاد الدولي (فيفا) امام الجدل المتكرر حول اداء التحكيم وبخاصة بعد مونديال 1998 في فرنسا، وافق على تجريب استخدام التكنولوجيا في كأس العالم للناشئين تحت 17 عام 2000 بوضع شريحة الكترونية داخل الكرة التي لعبت بها المباريات، لكن النتائج لم تكن على المستوى فتم تعليق الفكرة وايقاف تعميمها على مباريات الكبار لعدم دقتها. ولم يغلق الفيفا او الاتحاد الاوروبي الباب امام التدخل التكنولوجي غير المؤثر على اللعبة او استقلالية الحكام، وتم اعتماد نظام اتصال لاسلكي في بطولة اوروبا 2000 بين حكم الساحة وحاملي الراية وأيضا الحكم الرابع خارج الملعب لسرعة حسم المخالفات وإصدار قرارات فورية في الكرات او المخالفات التي تحتمل الشك.

وعادت شركة امبرو للمنتجات الرياضية بالمشاركة مع شركة كايروس للالكترونيات تقديم الكرة ذات الشريحة الالكترونية التي اطلق عليها «الكرة الذكية» للتأكد من أن الكرة قد تجاوزت خط المرمى بشكل كامل ، وقام الفيفا بتجربتها مؤخرا في احدى بطولات كأس العالم للأندية التي استضافتها اليابان شهر ديسمبر ، الا ان النتائج التي قدمت لم توضح الى أي مدى نجحت التجربة او فشلت. وامام ذلك قرر مجلس اتحادات كرة القدم الدولية «ايفاب» إيقاف جميع التجارب مجددا، والعودة للعنصر البشري بالاستعانة بحكمين مساعدين إضافيين في المباريات. وبالفعل تمت تجربة النظام الجديد في بطولات الاتحاد الاوروبى اضافة الى وجود سماعات لاسلكية فى الاذن لحكم الساحة والمساعدين ايضا لاحداث الترابط بينهما والسيطرة على مجريات الملعب .

وفى نهاية الامر رفض الاتحاد الدولى لكرة القدم ( فيفا ) تطبيق فكرة وجود شريحة اليكترونية داخل تجويف كرة القدم باعتبار ان الاخطاء البشرية من عوامل المتعة والاثارة لجمهور الكرة كما يؤكدون ، والمقصود بها الاخطاء غير المتعمدة ، وتشعر فى النهاية بسيطرة رئيس مملكة الفيفا السويسرى جوزيف سيب بلاتر ونائبة الفرنسى ميشيل بلاتينى ورئيس الاتحاد الاوروبى على مجريات الامور داخل الفيفا ولان التكنولوجيا ضد رغبة بلاتر وميشيل فلن تطبق نهائيا كما هو متوقع الا بعد رحيلهما عن قيادة الساحرة المستطيلة كرة القدم عالميا وهذا لن يتحقق بسهولة على ارض الواقع فى ظل سيطرتهم على اصوات الانتخابية لقارات اوروبا وافريقيا والامريكتين وايضا اسيا التى لاتستطيع مخالفة اوامر الكبار 

شاهد أيضاً

ارقام وصور تيرى بعد اعتزاله رسميا

دنيا الملاعب ـ متابعات : عاش “الغزال الأسمر” تيري هنري محطات مثيرة في مسيرته مع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.